الاتباعية أدب العقل دون منازع

الأدب العربي هو ثمرة من ثمار اتصال الشرق العربي بالغرب ، والانبهار بما وصل إليه في الحضارة والحياة معاً
استيقظ الشرق العربي ، وقد كان لمفكرية مواقف من الحضارة الغربية وهي

ـ رفضوها خوفاً على الأصالة القومية ، وقد دعا أصحاب هذا الموقف إلى إحياء التراث والاهتداء به فكانت مدرسةُ الإحياء والبعث وكان مجالها الشعر .

ـ الإقبال على الحضارة الغربية وفنونها الجديدة ، والأخذ بها من منطلق أن الحضارة وحدة لا تتجزأ ، وأنها نتاجُ الإنسانية جمَعاء ن ولذلك فإن أصحاب هذا

الموقف دعوا إلى السير في مضمارها في سبيل نهضة أدبية حديثة شبيهة بالنهضة الأوربية فنشطت الترجمة والاقتباس والتأليف ، ونشأت الفنون والمذاهب الأدبية

المعروفة

ـ وبعض المفكرين كان موقفهم معتدلاً إذعوا إلى الأخذ بما يلائم شخصيتنا الأدبية ونبذ ما يعارضها .

لمع في هذه الفترة نخبة من رجالات الفكر و الأدب ، منهم :

جمال الدين الأفغاني ، ومحمد عبده

وقاسم أمين وأديب اسحق

وعبد الرحمن الكواكبي ، وأحمد فارس الشدياق

ونجيب حداد ، وأحمد شوقي

وخليل مطران ، ومحمود سامي البارودي .... وغيرهم.

نشأ الأدب العربي في ظل هذه الحركات الفكرية ومواقف رجالها .

وهو أدب متشعب غنيِّ ومتنوِّع، نثراً وشعراً، فهو يتميز بامتداده الفني وتنوع أساليبه وأشكاله ، وامتداده الفني على أجناس ومدارس ، مثلما يتميز بأنه مادة

مفتوحة على كل و افٍد جديدٍ.

ولم يقتصر النثر على ماكان عليه في العصور القديمة .إذْ ظهرت ِ المقاله والخاطرةُ والأقصوصة والرواية والمسرحية .

إن الشعر ذو تاريخ عريق ــ أكثر تعقيداً وتنعاً في العصر الحديث، فمنه :

الشعر الذاتي ( الوجداني ) ، والشعر الموضوعي ،

والشعر القصصي ، والشعر الدرامي ،

ومنه الشعر التقليدي ، والشعر الحداثيُّ
ساحرة الفناء
وثمة مدارسُ شعريّةٌ
من الاتباعيّة إلى الاتباعية الجديدة ،
ومن الإبداعية إلى الرمزية ، ومن الواقعية إلى الواقعية الجديدة .

ويقوم كل مذهب أدبي على جملة من المبادئ الجمالية والأخلاقية والفلسفية المترابطة، وهو ليس إبداعاً فردياً ،

لكنه مشروعٌ جماعيٌ يعبر عن ضرورة تاريخية وغالباً مايرتبط ظهوره بصعود طبقة اجتماعية جديدة ، فيزدهر

بازدهارها ، ويأفُلُ بأفولها .

ـ بيئة المذاهب الأدبية الغربية

فالمذهب الاتباعيّ ( الكلاسيكي ) ابنُ الشروط التاريخيّة التي أنتجته ، والمذهبُ الإبدا عي

( الرومنسي ) متضامن مع دور البرجوازية التاريخية ، في مرحلة صعودها في الغرب ،

أما المذهبان الواقعيُّ والواقعيُّ الجديد فهما نتاجُ مرحلةِ أفول الطبقة البرجوازية وبروز الوعي لدى

الجماهير الشعبية ، والمذهب الرمزي هو نتاجٌ فنيٌ جماليّ جاء ردّة فعل على ماسبقه من مذاهب

أدبية .


وقد نشأت هذه المذاهب في أدبنا العربي الحديث تحت تأثيرعاملين :

أولهما : حركة إحياء التراث العربيّ ونشر روائعه الأدبية ، والعودة إلى الأدب العربيالقديم الذي وجد فيه الأدباء تعبيراً عن استقلال الشخصية القومية ، فكانت

هذه العودة إلى الأدب العربي القديم والنسج على منواله تعبيراً عن حيوية الأمة وأصالتها وقدرتها على النهضة ،وهذا مانسميّه الاتباعية في الأدب الحديث .

وثانيهما : التأثر بالآداب الغربية الحديثة والاقتباس ( التقليد ) منهاومحاكاتها ، وقد كان الشكل البارز لذلك التأثر الأخذ بما عرفه الغرب من فنون أدبية ومذاهب
أدبية مختلفة

كالاتباعية ( الكلاسيكية ) ،

والاتباعية الجديدة ( الكلاسيكية الجديدة )

والإبداعية( الرومانسية )

والرمزية والواقعية والواقعية الجديدة .
ـ المذهب الاتباعي ( الكلاسيكي ) الغربي
نشأالأدب الأوربي في أواسط القرن السابع عشر إلى أواخر القرن الثامن عشر .

والاتباعي هو أدب أنظمة الحكم الملكية

المركزية التي قلصت نفوذ الأمراء الإقطاعيين وحدّت من سلطتهم المستقلة

ووحدت البلاد .والأدب الاتباعي هو أدب البلاط ، ولذلك فإنه يرمي إلى

الإصلاح أكثر مما يرمي إلى الثورة ، وقد تميز بسمات عامة أهمها
محاكاة الطبيعة الإنسانية :
اهتم الأدباء الاتباعيون بالإنسان النمطي أكثر من الإنسان الفرد فقدموا صوراً لأنموذجات إنسانية منها

((البخيل))و(( الفارس )) و(( المرأء المتحذلقة )) وسوى ذلك من

الأنموذجات التي تصلح لكل ماهو عام وشامل ومشترك بين الشاعر وجمهوره ، والعصر الاتباعي هو عصر المسرح نشط بتشجيع من البلاطات ومن أهم شعرائه((راسين وكورني))و((موليير ))


ـ محاكاة القدماي :

أعجب الاتباعيون بالأدب القديم الخالد في ملحمة الإليادة ل{ هوميروس}

وتراجيديات ( مسرحية حزينة) { سوفوكليس } وعدوها الأدب المتكامل بذاته ، وذهبوا إلى أنها الأنموذجات التي ينبغي للأدباء أن يحتذوها ولا

تكمن محاكاة القدماء في اقتباس موضوعاتهم فحسب ، وإنما في اقتباس [/أساليبهم التي ضمنت لأشعارهم الجودة والخلود وكان لكتاب أرسطو النقدي (( فن الشعر )) دور كبير في ذلك ، فقد ظل المرجع والمعلم الذي يعودون إليه لحل مشكلاتهم .
ـ إعلاء شأن العقل :

الأدب الاتباعي هو أدب العقل بلا منازع ، والعقل دليل الأديب

الذي يعصمه من كل زلل ، وهو أداة ثمينة في تمييز الجيد من الرديء في الأدب وهو سلاح الأديب في سعيه إلى إبداع أدب إنساني خالد بالأدب القديم الخالد ، ثم هو ملكة((صفه)) مشتركة بين البشر جميعاً ، في حين أنهم يختلفون خيالاً وانفعالاً وعاطفة ، ولذلك فإن الاتباعيين ركنوا إلى سلطة العقل وبايعوه إماماً لهم في الأدب .

ـ الانضباط بالقواعد :

الاتباعية مذهب ، والمذهب جملة من القواعد والضوابطوللحفاظ

على مسيرة الأدب من الفوضى استن الأتباعيون عدداً من القواعد أهمها :
آ ـ جودة الصوغ اللغوي ونصاعة التعبيربعيداً عن

الزخرفة والتكلف لتحقيق التوازن بين العاطقة والفكر وهذا التوازن هو

سر الجمال في رأيهم
ساحرة الفناء
19-02-2010, 10:25
ب ـ الاقتصاد في اللفظ بحكم أن :
(( البلاعة في الإيجاز )) و(( خيرُ الكلامِ ماقل ودلّ))
ج ـ الوضوح :
إذا كان الأدب نشاطاً عقلياً ، يعني أن يكون واضحاً في الألفاظ
rوالتراكيب والصور ، أما غموضه ـ عندهم ـ فهو دليل على عجزالأديب عن التعبير .

د ـ الذوق واللياقة :

الأدب الاتباعي موجه إلى المجتمع الراقي ، وهو أدب صالونات
، ولذلك فإنَّ عليه أن يحظى بقبول الجميع ، فيبتعد عما يجرح
المشاعر ويثير الأهواء والغرائز العنيفه .هذه الخصائص مجتمعة تمثل روح
الهدوء والاستقرار ، وهي خصائص الأدب الاتباعي .

نص من الشعر الاتباعي:

محمود سامي البارودي *

هجرت ((ظلومُ )) وهجرها صِلةُ الأسى

فمتى تجـودُ علـى المتيـم باللُّقـى ؟
جزِعَت براعيـةِ المشيـب ومـادرت
أنَّ المشيـبَ لهيـبُ نيـرانِ الجَـوَى
ليـتَ الشَّبـابَ لَنا يعـودُ بطيبه
ومن يـهـرم يَـعِثْ فيه البلـى

شكرا لك هيا على هذا الموضوع الجميل اعجبني تفصيلك الدقيق المتناسق للاتباعية