المسرح المنهجي
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
المسرح المنهجي
غم مرور ستة قرون تقريبا على وفاتهم لكن مازلنا نسمع عن المسرحي العالمي "وليام شيكسبير" وشخصياته العديدة أمثال "هاملت" "عطيل" و"روميو وجوليت" و"ماكبث"ومازلنا أيضا نردد اسم "المسرحي الفرنسي "مولير" وغيرهم من المبدعين في مجال المسرح العالمي, ليس لأنهم مبدعون فحسب بل لأنهم أبدعوا في أكثر المجالات انتشارا وتأثيرا بالعرق البشري ألا وهو المسرح..
تكبير الصورة
فقد أثبتت الدراسات التاريخية والإنسانية أن المسرح هو أقدم الفنون التي مارسها الإنسان وهو مؤشر بليغ على تقدم الشعوب وحضارتها العلمية والثقافية، إذ يعتبر من أهم الوسائل للتواصل الإنساني والتأثر والتأثير إضافة إلى أنه أبو الفنون كافة بإجماع المفكرين والأدباء في كافة العصور والحقب الزمنية وذلك لعراقته واحتوائه على عناصر عدة من الفنون كافة فهو يحتوي الجملة السمعية والبصرية منتقلا إلى إثارة المشاعر والأحاسيس بشكل مباشر.
من هذا المنطلق عمد الكثير من الأدباء والفنانين والمبدعين إلى بث روحهم ونشاطهم في الدائرة المسرحية لما لها من سحر خاص في التواصل الإنساني الأمر الذي استغله بعض المسرحيين في "حلب" استغلالا طيبا مستفيدين من عراقة وأصالة هذا الفن في عملية التعليم وحث الأطفال على العلم مؤسسين مسرحا جديدا دعي بـ"المسرح المنهجي" وعن هذا الملف كان لنا وقفة عند المخرج المسرحي "حسام حمود" الذي يعتبر مؤسسا للمسرح المنهجي في "سورية" والتقيناه في 29/2/2009 ليحدثنا عن هذه الظاهرة وتجربته في تأسيسها فيقول:
«المسرح المنهجي من أصعب أنواع المسرح على الإطلاق بسبب اعتماده في صلب موضوعه على مواد ومعلومات جافة يتم تحويلها إلى عمل فني، فيحتاج الموضوع إلى خيال واسع من المؤلف والمخرج والممثل ومصممي الملابس والديكور والإضاءة إضافة إلى ذلك يعتمد على الأساليب الإيضاحية المتعددة عبر الديكور والموسيقى والجملة دون اللجوء إلى الصبغة العلمية الجافة، وتعتبر المناهج الممسرحة من أمتع الألوان الأدبية والفنية التي يميل إليها التلاميذ فهي تبعث فيهم النشاط والحركة والحيوية وتحببهم إلى المدرسة وتدخل المتعة والبهجة في نفوس المتعلم وتجذب انتباههم للتعلم وتحول المسرح المدرسي على ميدان علمي ثقافي وترفيهي كما تجعل المادة التعليمية قابلة للهضم مما يؤدي إلى تكوين اتجاهات إيجابية نحو المادة التعليمية والمعلم».
أما عن أول تجربة له في مجال المسرح المنهجي والتي دونت كأول تجربة للـ"مسرح المنهجي" في "سورية" وعن مدى تفاعل الإدارات والجمهور معها يحدثنا "الحمود" قائلا:
«بدأنا بتطبيق هذه التجربة في سورية عن طريق المسرح المدرسي الذي اعتاد على تقديم أعمال تربوية تحمل رسالة تربوية أخلاقية فحسب، فعمدنا إلى توسيع دائرة هذه الرسالة لجعلها علمية تربوية فانطلقنا بمشروع كان صغيرا إلى حد ما بعنوان أزمة قلبية والذي يعطي معلومات مبسطة عن آلية عمل القلب في الجسم البشري وعن الأضرار التي يمكن أن تسبب أزمات لهذا العضو الهام من جسم الإنسان ولما لاقاه هذا العمل البسيط من تقبل ورواج بين الطلاب وذويهم وبتوجيه من وزارة التربية عملنا على إنجاز عمل آخر
تكبير الصورة
المخرج حسام حمود
بعنوان مغامرات حاسوبية والذي كان على نطاق أوسع وبأسلوب متطور، إذ أننا غصنا داخل جهاز الحاسوب معرفين بقطعه وبآلية عمل هذا الجهاز موجهين رسالة علمية عن آلية عمل الحاسوب ورسالة تربوية بضرورة استخدام هذا الجهاز للدراسة والفائدة وليس للألعاب والتسلية كل هذا ضمن جو مسرحي لا يخلو من القيم الفنية العالية مستخدمين الإضاءة والديكور الملائمين إضافة إلى بعض الأغاني والرقصات التي تشد انتباه الطفل، آخذين بعين الاعتبار الأبعاد الفنية كافة وقد حازت التجربة على نجاح كبير إذ أننا حصدنا جوائز عدة في مهرجان الطلائع منها جائزة أفضل نص وأفضل إخراج إضافة إلى جائزة الامتياز مما قادنا إلى التجربة الثالثة والتي كانت على نطاق أوسع المتجسدة بمسرحية حكاية جسم والتي تختص بالتعريف على أعضاء جسم الإنسان والتعريف بآلية عملها، ومن اللافت للنظر أنه عندما شاركنا في مهرجان الطلائع بعمل "مغامرات حاسوبية" كنا الوحيدين الذين قدموا عملا مسرحيا منهجيا لكن في المهرجان التالي وجدنا أكثر من عمل مسرحي منهجي مما يؤكد فاعلية هذه التجربة وانتشارها». وعن جديد المسرح المنهجي يضيف "الحمود" قائلا:
«نسعى اليوم إلى إنجاز عمل مسرحي منهجي جديد برؤية وتوجه جديد إذ أن أعمالنا المنهجية السابقة اعتمدت على الموضوع العلمي أما في عملنا الجديد المعنون باسم "اختفاء سيبويه" نعتمد على الصبغة العلمية الأدبية إذ أننا نغوص إلى عوالم اللغة العربية معرفين بـ"إن وأخواتها" و"كان وأخواتها" وعملهم في الجملة الاسمية معطين درسا منهجيا عن اللغة العربية وموجهين درسا تربويا عن العولمة وأخطارها على البشرية والحضارات».
أما عن الموقف الإداري تجاه تجربة المسرح المنهجي التي بدأ تطبيقها منذ عامين في "حلب" يحدثنا السيد مدير المسرح المدرسي في "حلب" د."وانيس باندك" فيقول:
«"المسرح المنهجي" ظاهرة موجودة منذ زمن إذ عمد العديد من المدرسين إلى تحويل دروسهم إلى حوارات بين الطلاب مما كان يشكل جوا خاصا للدرس، يعطي سلاسة في نقل المعلومة للطفل لكن ومع تطور الحياة وتطور أساليب المعيشة تطورت أساليب التعليم والتعلم فبحثنا عن أساليب جديدة تضمن جودة في نقل المعلومة إلى ذهن الطالب كما تضمن تقبله لهذه الآلية، وعبر البحث العميق وجنا أن الطفل يتأثر بالفن المسرحي بشكل كبير فعمدنا إلى تطوير ظاهرة المسرح المنهجي وإعطائها مساحة أكبر من الصف وفترة أكبر من الحصة الدرسية وعند التنسيق مع المخرج "حسام حمود" والمؤلف "عابد ملحم" قمنا بإنجاز أول تجربة والتي لاقت نجاحا كبيرا مما دفعنا إلى خوض التجربة الثانية والثالثة والرابعة».
ويضيف "الباندك": «لم يكن بالإمكان
تكبير الصورة
د.وانيس باندك
القفز في هذه التجربة من أول درجات السلم إلى أعلاها لأسباب عدة منها عدم توفر القاعدة الجماهيرية لهذا النوع في بادئ الأمر ومنها أن العمل المسرحي المنهجي يتطلب العديد من التكاليف، لأنه بحاجة لأساليب إيضاحية كبيرة لا يمكن الاستغناء عنها رغم أننا في الأعمال والتجارب السابقة عمدنا إلى الاستعاضة عن أمور بأمور أخرى بسبب عدم توفر الإمكانيات اللازمة، ومن جهة أهم ليس كل مخرج أو ممثل أو كاتب لديه المقدرة على إنجاز عمل مسرحي منهجي».
وفي لقاء مع مؤلف أول نص مسرحي منهجي في "سورية" الشاب "عابد ملحك" يحدثنا عن تجربته فيقول:
«كان نص "مغامرات حاسوبية" بمثابة تجربتي الفعلية الأولى في تأليف النصوص المنهجية لكنها كانت عشوائية إلى حد ما إذ أنني لم أرتكز على حقائق أو مبادئ المسرح المنهجي فكانت محاولة مني لتجسيد ما أرغب في تجسيده وبمساعدة المخرج "حسام حمود" استطعت أن أطلع على مبادئ ومراجع المسرح المنهجي مما مكنني على خوض تجربتي الثانية والثالثة ولما وجدته من إقبال كبير على أعمال كهذه تقدم المتعة والفائدة المعرفية».
أما عن تاريخ المسرح المنهجي عالميا يحدثنا المخرج "حسام حمود" قائلا: «يعتبر المسرح المنهجي أسلوب من أساليب للتعلم بالأنشطة والذي يعمد إلى تقديم نشاط فني يرمي إلى تجسيد المعارف والعلوم للمتلقي بأسلوب فني مبسط يضمن جودة المعلومة المقدمة وجودة الوجبة الفنية، إذ لا يتنازل المسرح المنهجي عن أي قيمة فنية درامية مقابل تقديم المعلومة وتاريخيا يذكر أنه قد بدأ بتجسيد هذا الأسلوب في التعلم المفكر التربوي الأميركي "جون ديوي" ويتلخص هذا الأسلوب بأن يتلقى الطفل المعارف والمهارات الأكاديمية عن طريق الخبرات الحياتية اليومية وعن طريق الأنشطة المحببة لدى الطفل المجسدة بالدراما والمسرح وما إلى ذلك من أنشطة، ومن جهة أخرى تعتبر "دورثي هيكثوت" رائدة في مجال الدراما عبر المناهج إذ انتقلت في مسيرتها الحياتية من المسرح إلى مجال التعليم والتربية فأوجدت خطا يصل الطرفين (المنهاج العلمي التربوي والفن المسرحي) في إنشاء ظاهرة المسرح المنهجي الذي عمد إلى جعل الدروس المنهجية أكثر ليونة عبر تجسيدها بأعمال مسرحية متكاملة ذات صراع وحبكة وشخصيات واضحة الملامح والأبعاد مما يجعل التواصل مع المتلقي أكثر سلاسة ووضوحا، وهنا بدأ وضع قواعد واضحة ومفهومة للمسرح المنهجي لضمان جودة المعلومة المقدمة وضمان الجودة الفنية».
ويضيف المخرج فيقول:
«لا يمكن لأي شخص أو أي فنان أن يقوم بعملية مسرحة المناهج لأنها تتطلب معرفة علمية واسعة واطلاع كامل على العلوم المقدمة، ومن جهة أخرى
تكبير الصورة
من مسرحية مغامرات حاسوبية
تتطلب خبرة ومعرفة واسعة بالأبعاد الفنية وإمكانية تقبل الجمهور لهذه المعلومة المفترضة بأسلوب فني مسرحي، ولابد لعملية مسرحة المناهج من مبادئ تقوم عليها منها توفر الحركة والإثارة والتشويق والطرافة مما يقود إلى شد انتباه التلميذ المتلقي وجعله ضمن دائرة السيطرة بغية زج المعلومات اللازمة في ذهنه، ومن ناحية الفكرة يجب أن يكون العمل المسرحي المنهجي مركزا نحو هدف علمي واحد إذ يبعد عن التعقيد كي لا يتشتت الطالب ويبعد عن الرمزية فيكون عملا بسيطا مدروسا بكامل حيثياته».
هكذا وفي فترة غاب المسرح فيها عن الوجود الإنساني في "حلب" إثر سيطرة المسرح التجاري الذي عمد أصحابه إلى الكسب المادي متغاضين عن الأبعاد الفنية، برزت ثلة صغيرة لتقلب موازين المسرح في "حلب" مجسدة أسلوبا فنيا تعليميا جديدا يسعى إلى تنظيف الرقعة الفنية والمنهجية في آن واحد بهدفين ساميين ألا وهما الفن والعلم.
المقالات المتعلقة
# "كان يا ما كان لحتى الآن"...على مسرح دار التربية بـ"حلب"
# أكثر من /80/ عملا.. في المعرض الفني لـ "جامعة الاتحاد" فرع "منبج"..
# الفنان التشكيلي "محمود مكي"..وحكايته مع الإبداع
# المسرح الجامعي في "حلب"... قفزة نحو المستقبل
# "رياض جَرمق" يخاطب الحواس...على طريقته
# بأقلام الباستيل.. أحصنة وأسماك يرسمها "مجد كردية"
# الفنان "باسل دحكول" بين الأبيض والأسود
# في صوته تراث "حلب"...الفنان "عمر سرميني" في حديث خاص
تكبير الصورة
فقد أثبتت الدراسات التاريخية والإنسانية أن المسرح هو أقدم الفنون التي مارسها الإنسان وهو مؤشر بليغ على تقدم الشعوب وحضارتها العلمية والثقافية، إذ يعتبر من أهم الوسائل للتواصل الإنساني والتأثر والتأثير إضافة إلى أنه أبو الفنون كافة بإجماع المفكرين والأدباء في كافة العصور والحقب الزمنية وذلك لعراقته واحتوائه على عناصر عدة من الفنون كافة فهو يحتوي الجملة السمعية والبصرية منتقلا إلى إثارة المشاعر والأحاسيس بشكل مباشر.
من هذا المنطلق عمد الكثير من الأدباء والفنانين والمبدعين إلى بث روحهم ونشاطهم في الدائرة المسرحية لما لها من سحر خاص في التواصل الإنساني الأمر الذي استغله بعض المسرحيين في "حلب" استغلالا طيبا مستفيدين من عراقة وأصالة هذا الفن في عملية التعليم وحث الأطفال على العلم مؤسسين مسرحا جديدا دعي بـ"المسرح المنهجي" وعن هذا الملف كان لنا وقفة عند المخرج المسرحي "حسام حمود" الذي يعتبر مؤسسا للمسرح المنهجي في "سورية" والتقيناه في 29/2/2009 ليحدثنا عن هذه الظاهرة وتجربته في تأسيسها فيقول:
«المسرح المنهجي من أصعب أنواع المسرح على الإطلاق بسبب اعتماده في صلب موضوعه على مواد ومعلومات جافة يتم تحويلها إلى عمل فني، فيحتاج الموضوع إلى خيال واسع من المؤلف والمخرج والممثل ومصممي الملابس والديكور والإضاءة إضافة إلى ذلك يعتمد على الأساليب الإيضاحية المتعددة عبر الديكور والموسيقى والجملة دون اللجوء إلى الصبغة العلمية الجافة، وتعتبر المناهج الممسرحة من أمتع الألوان الأدبية والفنية التي يميل إليها التلاميذ فهي تبعث فيهم النشاط والحركة والحيوية وتحببهم إلى المدرسة وتدخل المتعة والبهجة في نفوس المتعلم وتجذب انتباههم للتعلم وتحول المسرح المدرسي على ميدان علمي ثقافي وترفيهي كما تجعل المادة التعليمية قابلة للهضم مما يؤدي إلى تكوين اتجاهات إيجابية نحو المادة التعليمية والمعلم».
أما عن أول تجربة له في مجال المسرح المنهجي والتي دونت كأول تجربة للـ"مسرح المنهجي" في "سورية" وعن مدى تفاعل الإدارات والجمهور معها يحدثنا "الحمود" قائلا:
«بدأنا بتطبيق هذه التجربة في سورية عن طريق المسرح المدرسي الذي اعتاد على تقديم أعمال تربوية تحمل رسالة تربوية أخلاقية فحسب، فعمدنا إلى توسيع دائرة هذه الرسالة لجعلها علمية تربوية فانطلقنا بمشروع كان صغيرا إلى حد ما بعنوان أزمة قلبية والذي يعطي معلومات مبسطة عن آلية عمل القلب في الجسم البشري وعن الأضرار التي يمكن أن تسبب أزمات لهذا العضو الهام من جسم الإنسان ولما لاقاه هذا العمل البسيط من تقبل ورواج بين الطلاب وذويهم وبتوجيه من وزارة التربية عملنا على إنجاز عمل آخر
تكبير الصورة
المخرج حسام حمود
بعنوان مغامرات حاسوبية والذي كان على نطاق أوسع وبأسلوب متطور، إذ أننا غصنا داخل جهاز الحاسوب معرفين بقطعه وبآلية عمل هذا الجهاز موجهين رسالة علمية عن آلية عمل الحاسوب ورسالة تربوية بضرورة استخدام هذا الجهاز للدراسة والفائدة وليس للألعاب والتسلية كل هذا ضمن جو مسرحي لا يخلو من القيم الفنية العالية مستخدمين الإضاءة والديكور الملائمين إضافة إلى بعض الأغاني والرقصات التي تشد انتباه الطفل، آخذين بعين الاعتبار الأبعاد الفنية كافة وقد حازت التجربة على نجاح كبير إذ أننا حصدنا جوائز عدة في مهرجان الطلائع منها جائزة أفضل نص وأفضل إخراج إضافة إلى جائزة الامتياز مما قادنا إلى التجربة الثالثة والتي كانت على نطاق أوسع المتجسدة بمسرحية حكاية جسم والتي تختص بالتعريف على أعضاء جسم الإنسان والتعريف بآلية عملها، ومن اللافت للنظر أنه عندما شاركنا في مهرجان الطلائع بعمل "مغامرات حاسوبية" كنا الوحيدين الذين قدموا عملا مسرحيا منهجيا لكن في المهرجان التالي وجدنا أكثر من عمل مسرحي منهجي مما يؤكد فاعلية هذه التجربة وانتشارها». وعن جديد المسرح المنهجي يضيف "الحمود" قائلا:
«نسعى اليوم إلى إنجاز عمل مسرحي منهجي جديد برؤية وتوجه جديد إذ أن أعمالنا المنهجية السابقة اعتمدت على الموضوع العلمي أما في عملنا الجديد المعنون باسم "اختفاء سيبويه" نعتمد على الصبغة العلمية الأدبية إذ أننا نغوص إلى عوالم اللغة العربية معرفين بـ"إن وأخواتها" و"كان وأخواتها" وعملهم في الجملة الاسمية معطين درسا منهجيا عن اللغة العربية وموجهين درسا تربويا عن العولمة وأخطارها على البشرية والحضارات».
أما عن الموقف الإداري تجاه تجربة المسرح المنهجي التي بدأ تطبيقها منذ عامين في "حلب" يحدثنا السيد مدير المسرح المدرسي في "حلب" د."وانيس باندك" فيقول:
«"المسرح المنهجي" ظاهرة موجودة منذ زمن إذ عمد العديد من المدرسين إلى تحويل دروسهم إلى حوارات بين الطلاب مما كان يشكل جوا خاصا للدرس، يعطي سلاسة في نقل المعلومة للطفل لكن ومع تطور الحياة وتطور أساليب المعيشة تطورت أساليب التعليم والتعلم فبحثنا عن أساليب جديدة تضمن جودة في نقل المعلومة إلى ذهن الطالب كما تضمن تقبله لهذه الآلية، وعبر البحث العميق وجنا أن الطفل يتأثر بالفن المسرحي بشكل كبير فعمدنا إلى تطوير ظاهرة المسرح المنهجي وإعطائها مساحة أكبر من الصف وفترة أكبر من الحصة الدرسية وعند التنسيق مع المخرج "حسام حمود" والمؤلف "عابد ملحم" قمنا بإنجاز أول تجربة والتي لاقت نجاحا كبيرا مما دفعنا إلى خوض التجربة الثانية والثالثة والرابعة».
ويضيف "الباندك": «لم يكن بالإمكان
تكبير الصورة
د.وانيس باندك
القفز في هذه التجربة من أول درجات السلم إلى أعلاها لأسباب عدة منها عدم توفر القاعدة الجماهيرية لهذا النوع في بادئ الأمر ومنها أن العمل المسرحي المنهجي يتطلب العديد من التكاليف، لأنه بحاجة لأساليب إيضاحية كبيرة لا يمكن الاستغناء عنها رغم أننا في الأعمال والتجارب السابقة عمدنا إلى الاستعاضة عن أمور بأمور أخرى بسبب عدم توفر الإمكانيات اللازمة، ومن جهة أهم ليس كل مخرج أو ممثل أو كاتب لديه المقدرة على إنجاز عمل مسرحي منهجي».
وفي لقاء مع مؤلف أول نص مسرحي منهجي في "سورية" الشاب "عابد ملحك" يحدثنا عن تجربته فيقول:
«كان نص "مغامرات حاسوبية" بمثابة تجربتي الفعلية الأولى في تأليف النصوص المنهجية لكنها كانت عشوائية إلى حد ما إذ أنني لم أرتكز على حقائق أو مبادئ المسرح المنهجي فكانت محاولة مني لتجسيد ما أرغب في تجسيده وبمساعدة المخرج "حسام حمود" استطعت أن أطلع على مبادئ ومراجع المسرح المنهجي مما مكنني على خوض تجربتي الثانية والثالثة ولما وجدته من إقبال كبير على أعمال كهذه تقدم المتعة والفائدة المعرفية».
أما عن تاريخ المسرح المنهجي عالميا يحدثنا المخرج "حسام حمود" قائلا: «يعتبر المسرح المنهجي أسلوب من أساليب للتعلم بالأنشطة والذي يعمد إلى تقديم نشاط فني يرمي إلى تجسيد المعارف والعلوم للمتلقي بأسلوب فني مبسط يضمن جودة المعلومة المقدمة وجودة الوجبة الفنية، إذ لا يتنازل المسرح المنهجي عن أي قيمة فنية درامية مقابل تقديم المعلومة وتاريخيا يذكر أنه قد بدأ بتجسيد هذا الأسلوب في التعلم المفكر التربوي الأميركي "جون ديوي" ويتلخص هذا الأسلوب بأن يتلقى الطفل المعارف والمهارات الأكاديمية عن طريق الخبرات الحياتية اليومية وعن طريق الأنشطة المحببة لدى الطفل المجسدة بالدراما والمسرح وما إلى ذلك من أنشطة، ومن جهة أخرى تعتبر "دورثي هيكثوت" رائدة في مجال الدراما عبر المناهج إذ انتقلت في مسيرتها الحياتية من المسرح إلى مجال التعليم والتربية فأوجدت خطا يصل الطرفين (المنهاج العلمي التربوي والفن المسرحي) في إنشاء ظاهرة المسرح المنهجي الذي عمد إلى جعل الدروس المنهجية أكثر ليونة عبر تجسيدها بأعمال مسرحية متكاملة ذات صراع وحبكة وشخصيات واضحة الملامح والأبعاد مما يجعل التواصل مع المتلقي أكثر سلاسة ووضوحا، وهنا بدأ وضع قواعد واضحة ومفهومة للمسرح المنهجي لضمان جودة المعلومة المقدمة وضمان الجودة الفنية».
ويضيف المخرج فيقول:
«لا يمكن لأي شخص أو أي فنان أن يقوم بعملية مسرحة المناهج لأنها تتطلب معرفة علمية واسعة واطلاع كامل على العلوم المقدمة، ومن جهة أخرى
تكبير الصورة
من مسرحية مغامرات حاسوبية
تتطلب خبرة ومعرفة واسعة بالأبعاد الفنية وإمكانية تقبل الجمهور لهذه المعلومة المفترضة بأسلوب فني مسرحي، ولابد لعملية مسرحة المناهج من مبادئ تقوم عليها منها توفر الحركة والإثارة والتشويق والطرافة مما يقود إلى شد انتباه التلميذ المتلقي وجعله ضمن دائرة السيطرة بغية زج المعلومات اللازمة في ذهنه، ومن ناحية الفكرة يجب أن يكون العمل المسرحي المنهجي مركزا نحو هدف علمي واحد إذ يبعد عن التعقيد كي لا يتشتت الطالب ويبعد عن الرمزية فيكون عملا بسيطا مدروسا بكامل حيثياته».
هكذا وفي فترة غاب المسرح فيها عن الوجود الإنساني في "حلب" إثر سيطرة المسرح التجاري الذي عمد أصحابه إلى الكسب المادي متغاضين عن الأبعاد الفنية، برزت ثلة صغيرة لتقلب موازين المسرح في "حلب" مجسدة أسلوبا فنيا تعليميا جديدا يسعى إلى تنظيف الرقعة الفنية والمنهجية في آن واحد بهدفين ساميين ألا وهما الفن والعلم.
المقالات المتعلقة
# "كان يا ما كان لحتى الآن"...على مسرح دار التربية بـ"حلب"
# أكثر من /80/ عملا.. في المعرض الفني لـ "جامعة الاتحاد" فرع "منبج"..
# الفنان التشكيلي "محمود مكي"..وحكايته مع الإبداع
# المسرح الجامعي في "حلب"... قفزة نحو المستقبل
# "رياض جَرمق" يخاطب الحواس...على طريقته
# بأقلام الباستيل.. أحصنة وأسماك يرسمها "مجد كردية"
# الفنان "باسل دحكول" بين الأبيض والأسود
# في صوته تراث "حلب"...الفنان "عمر سرميني" في حديث خاص
حنان السلو- المساهمات : 1
تاريخ التسجيل : 23/03/2010
شكر للطالبات
كل الشكر للطالبتين حنان وزهرة على المشاركة اللطيفة
المدرّسة سلوى- Admin
- المساهمات : 56
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى